الجمعة، 20 مايو 2016

حديث كان صلى الله عليه وسلم يدور على نسائه وهن إحدى عشرة


حديث كان صلى الله عليه وسلم يدور على نسائه وهن إحدى عشرة

روى مسلم وابن حنبل من طريقين عن شعبة عن هشام بن زيد عن أنس أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يطوف على نسائه بغسل واحد.
ورواه ابن حنبل عن هُشيم بن بشير عن حُميد بن أبي حُميد الطويل عن أنس أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يطوف على جميع نسائه بغسل واحد. ورواه ابن حنبل والنسائي عن إسماعيل ابن عُلية عن حُميد عن أنس أن النبي صلى الله عليه وسلم طاف على نسائه في ليلة واحدة بغسل واحد.
ورواه البخاري عن شيخين من شيوخه عن يزيد بن زريع عن سعيد بن أبي عروبة عن قتادة أن أنس بن مالك حدثهم أن نبي الله صلى الله عليه وسلم كان يطوف على نسائه في الليلة الواحدة وله يومئذ تسع نسوة.
ورواه البخاري وابن حنبل والنسائي في الكبرى وأبو يعلى وابن خزيمة وابن حبان والبيهقي من طرق عن معاذ بن هشام بن أبي عبد الله الدستوائي عن أبيه عن قتادة أنه قال: حدثنا أنس بن مالك قال: كان النبي صلى الله عليه وسلم يدور على نسائه في الساعة الواحدة من الليل والنهار وهن إحدى عشرة. قال البخاري عقبه: وقال سعيد عن قتادة إن أنسا حدثهم تسع نسوة.
ورواه ابن أبي شيبة عن يزيد بن هارون عن حماد بن سلمة عن عبد الرحمن عن عمته عن أبي رافع أن رسول الله صلى الله عليه وسلم طاف على نسائه في ليلة، فاغتسل عند كل امرأة منهن غسلا، فقلت. يا رسول الله لو اغتسلت غسلا واحدًا!. فقال: هذا أطهر وأطيب. [عبد الرحمن حفيد أبي رافع قال عنه ابن معين: صالح الحديث. عمته سلمى ذكرها ابن حبان في الثقات، وقال ابن القطان: لا تُعرف]. فهذا السند ضعيف.
أقول:
ثبت عن أنس بن مالك رضي الله عنه من ثلاثة طرق عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يطوف على نسائه بغسل واحد.
كلمة "كان يطوف" تحتمِل في لغة العرب أن تكون للوقوع مرات متعددة، وتحتمِل أن تكون للوقوع مرة واحدة، وهذا ما فهمه إسماعيل ابن عُلية في الرواية فصرح به، كما في صحيح البخاري.
هل وقع هذا حقيقة أو هو توهم من أنس رضي الله عنه؟، احتمال، إذ ليس عند أنس ما يحقق له وقوع ذلك، ودخول النبي صلى الله عليه وسلم في تلك الليلة أو في أكثر من ليلة إلى كل حجرات أزواجه واغتسالـُه بعد ذلك ليس بدليل على حصول الوطء لكلهن في تلك الليلة.
لو افترضنا وقوع ذلك حقيقة فكم كان عدد نسائه صلى الله عليه وسلم؟؟.
انفرد قتادة بذكر العدد في روايته عن أنس، لكن في رواية سعيد بن أبي عروبة عن قتادة عن أنس وله يومئذ تسع نسوة، وفي رواية هشام الدستوائي عن قتادة عن أنس وهن إحدى عشرة، والروايتان كلتاهما في صحيح البخاري.
هذا وقد أشار البخاري رحمه الله في صحيحه إلى ترجيح الرواية الأولى، وذلك أنه روى رواية سعيد بن أبي عروبة أن له يومئذ تسع نسوة ولم يعلق عليها بشيء، وروى رواية هشام الدستوائي أنهن إحدى عشرة، وعقب عليها بقوله: "وقال سعيد عن قتادة إن أنسا حدثهم تسع نسوة".
فالظاهر من صنيعه هذا أنه روى رواية الإحدى عشرة ليبين إعلالها.
ومما يؤكد أن عدد نسائه صلى الله عليه وسلم اللواتي اجتمعن في عصمته هو تسع نسوة فقط ما رواه مسلم من طريق ثابت البُناني عن أنس أنه قال: كان للنبي صلى الله عليه وسلم تسع نسوة، فكان إذا قسم بينهن لا ينتهي إلى المرأة الأولى إلا في تسع.
خلاصة الأمر:
هذا الحديث مما ينبغي أن يُتوقف فيه، لاحتمال أن يكون مجردَ توهم من أنس رضي الله عنه.
ويستفاد مما تقدم في البحث أن البخاري رحمه الله قد يروي رواية في صحيحه وهو يعلم أن فيها لفظة لا تصح، وذلك ليبين إعلال تلك اللفظة التي وقع فيها الخطأ، وقد كتب كتابه للعلماء، لا لطلاب العلم، والله أعلم.
وأتم كتابته صلاح الدين الإدلبي في 10/ 8/ 1437، الموافق 17/ 5/ 2016، والحمد لله رب العالمين.